التقرير الختامي الملتقى الأول المتوسطي المغربي الإسباني حول موضوع: التدبير الترابي والتجربة الجهوية في المغرب وإسبانيا وإيطاليا

قراءات متقاطعة

على امتداد يومي 13 و14 يوليوز 2022 نظمت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة بشراكة مع المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، وجهة طنجة تطوان الحسيمة ، وجهة الداخلة واد الذهب ،ومركز الدراسات الاجتماعية والقانونية بجنوب أوروبا يومي 13 و14 يوليوز الجاري، “الملتقى الأول المتوسطي المغربي الإسباني” حول “التنظيم الترابي والتجربة الجهوية في المغرب وإسبانيا وإيطاليا قراءات متقاطعة”،

وفي اختتام هذا الملتقى  الذي تم تنظيمه في رحاب كلية الحقوق بطنجة بشراكة مع المجلة المغربية للإدارة المحلية ومركز الدراسات الاجتماعية و القانونية بجنوب أوروبا حول موضوع “التنظيم الترابي و التجربة الجهوية في المغرب و اسبانيا و ايطاليا قراءات متقاطعة”.

و قد شارك في هذا الملتقى العلمي ثلة من الأساتذة المتخصصين ذوي الاطلاع المتمكن في التنظيم الترابي و أبعاده السياسية و القانونية و الدستورية، أساتذة و باحثون مغاربة و أجانب من اسبانيا و ايطاليا .

وقد افتتح اللقاء بكلمة الدكتور توفيق السعيد  عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة أكد فيها أن

 “هذا الملتقى يهدف إلى تدارس مسألة الجهوية في بعدها السياسي والاقتصادي والتنموي والديمقراطي والاجتماعي، ودورها في تعزيز البناء الديمقراطي الجهوي .

وأضاف أن الملتقى يتيح من جهة تبادل الأفكار والخبرات الفضلى المرتبطة بموضوع الجهوية والمسار الذي مرت منه بعض دول شمال المتوسط ،مثل إسبانيا وإيطاليا ،ومن جهة أخرى يتيح للباحثين ومسؤولي مراكز البحث والتفكير والشعب الأكاديمية ذات الاهتمام من طرح الأفكار القابلة للتحقق ،لمساعدة المشرع والسياسي على إغناء مشروع الجهوية ،كرافعة من رافعات التنمية المستدامة والمندمجة

وأبرز عميد كلية الحقوق بطنجة أن الملتقى يعكس أيضا المساهمة الفعالة للجامعات المغربية والإسبانية وانخراطها الإيجابي في تطوير ورش الجهوية المتقدمة الذي يوليه المغرب اهتماما خاصا في بناء المسار الديموقراطي وتدبير الشأن العام لضمان تدبير الشأن العام لضمان العدالة المجالية وتوازن التنمية الاقتصادية

  وأوضح الدكتور توفيق السعيد أن الملتقى يعكس أيضا المساهمة الفعالة للجامعات المغربية والإسبانية وانخراطها الإيجابي في تطوير تجربة مشروع الجهوية المتقدمة الذي يوليه المغرب اهتماما خاصا في بناء المسار الديموقراطي وتدبير الشأن العام لضمان العدالة المجالية وتوازن التنمية والتطور الاقتصادي الذي يروم خلق الثروة وتوفير أسس التنمية التي تراعي خصوصيات كل جهة على حدة وتطلعات ساكنتها.

من جانبه أكد أحمد بوعشيق، مدير المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، أن “موضوع الجهوية في أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتشريعية يكتسي راهنية بالمغرب، حيث تسعى المملكة إلى تطويره وإغنائه بهدف منح الجهات أكثر فأكثر، ويلعب دورا أساسيا في التنمية وتمكين المواطن من المشاركة في تدبير الشأن العام المحلي.

وجعل خصوصيات الجهات رافعة من رافعات التنمية الحقيقية. كما أن قضية الجهوية متشعبة لكونها لا تتعلق بالتدبير العام للشأن المحلي بقدر ما ترتبط أيضا بتطلعات المواطنين وتطوير الاقتصاد والاستغلال الأمثل لمؤهلات الجهات، مشددا على أن التدبير اللاممركز للجهات أعطى لهذه الأخيرة دفعة قوية بفضل الرؤية المستبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والذي مكن الأقاليم الجنوبية للمملكة، بشكل خاص، من تحقيق قفزة نوعية على درب التنمية.

وفي كلمة خيراردو رويز ريكو أستاذ التعليم العالي في القانون الدستوري بجامعة خايين ونائب رئيس مركز الدراسات الاجتماعية والقانونية بجنوب أروبا في الكلمة الافتتاحية باسم الوفد الإسباني والإيطالي حيث أشار على كون المشاركة في هذا الملتقى هي مرحلة من المراحل الأخرى التي كانت فيها علاقة التعاون والتواصل مع هذه الكلية قائمة وقد سبق أن تم تنظيم مثل هذه اللقاءات بالمغرب منذ أن كان يتحمل المسؤولية على مستوى مؤسسة الثقافات الثلاث ،كما بين  أن هذا  اللقاء يأتي

في إطار التعاون العلمي والثقافي ،وتنظيم دورات تكوينية مشتركة تتيح لطلبة جامعة عبد المالك السعدي الاستفادة من هذه الدورات والدروس والحصول على شواهد ،كما يمكن لهذا التعاون أن يضفي على تشكيل هيآت للبحث مشتركة.

وبخصوص المداخلات التي كانت مبرمجة في الجلسة الأولى أكدت ماريا تروخيو وزيرة التعمير والإسكان السابقة وأستاذة القانون الدستوري إيكسترمادورا، التي عنونتها – المبادرة المغربية للحكم الذاتي ،الدستور ،الحكم الذاتي ،والحقيقة التفاضلية ،حيث ركزت على التجربة المغربية ،وبينت أنه إذا  ما كانت  مبادرة المغرب للحكم الذاتي صالحة في إطار التعاون الترابي اللامركزي ،فإنها ستضعه في إطار الجهوية المتقدمة ، وقد سلطت الضوء على بعض المفاهيم بخصوص الجهوية المتقدمة ،وبينت أهمية المبادرة المغربية للحم الذاتي ودورها في حل النزاع المفتعل بالصحراء المغربية، وقد اشارت على بعض النقط الأساسية ،الجهوية المتقدمة ليست حديثة العهد ،فالجهوية تعود إلى عقد الستينيات ،مرحلة السبعينات حيث  تم تقسيم المغرب إلى سبع جهات ،و ظهرت مجموعات لاممركزة تحاول ان تستجيب للمتطلبات الاقتصادية والتنموية ،ثم تطرقت لدستور سنة  1992 الذي اعترف للجهة بالشخصية المعنوية لأول مرة ،ثم دستور  سنة 1996 حيث تم تقسيم الجهات إلى 16 جهة

كما أشارت إلى أنه في سنة 1984 أشار الملك الراحل إلى نظام وهو نظام للحكم الذاتي الريب من النموذج الإسباني واللاندر النموذج الألماني  ،لكن هذا النظام لم يرى النور ،وفي سنة 2010 كان إحداث لجنة استشارية جهوية عهد إليها بإعداد تصور وتصميم لجهوية بالمغرب تضم جميع الجهات ، وذلك وفق ثوابت الامة وتقاسم الموارد والأدوات، وقد أشارت إلى بعض التفاصيل التي ميزت مشروع الجهوية المتقدمة في دستور 2011 خصوصا الفصل 146 من دستور 2011 والقوانين التنظيمية ذات الصلة.

كما أكدت مارية تروخيو رينكون الوزيرة السابقة والأستاذة الجامعية   أن “مبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية التي طرحها المغرب سنة 2007، تعتبر محفزا لنجاح تجربة الجهوية في المملكة المغربية.

وأشارت إلى كون جميع القرارات الصادرة عن مجلس الامن منذ سنة 2007 دعمت المبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها مبادرة جادة وذات مصداقية لإيجاد حل دائم لقصية الصحراء القائم على مبادئ سليمة وتقبله جميع الأطراف

فالنسبة للمبادرة المغربية للحكم الذاتي بالصحراء تم الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الآراء الخاصة بالهيآت السياسية والكوركاس والمؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني، إنه مخطط كان نتاج لثمرة استشارة واسعة  ،حيث تضمن هذه المبادرة وناقشت المجال الترابي للصحراء ،هيئة الناخبين ،مجلس الشؤون الصحراوية ،كان هناك عمل ديبلوماسي كبير ،وانتشار ديبلوماسي كبير للدولة المغربية ،وكانت نتيجة هذا العمل اعتراف بجهود المغرب لإيجاد حل لنزاع الصحراء المفتعل .

وبينت الأستاذة المحاضرة أن الصحراء تتطلب منا تحليل تاريخي وقانوني ،

فبخصوص السياق التاريخي والقانوني والسياسي جاءت مبادرة الحكم الذاتي  ،فالأجزاء الثلاث المكونة لهذه المبادرة ،والفقرات ،حيث تضمنت المبادرة  في الجزء الأول التزام المغرب بالعمل على إيجاد حل سياسي نهائي ،حيث تضمن هذا الجزء بكون هذه المبادرة تندرج في إطار بناء مجتمع ديموقراطي حداثي يرتكز على مقومات دولة القانون والحريات الفردية والجماعية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ،وهي مبادرة واعدة بانبثاق مستقبل أفضل لسكان الجهة، والجزء الثاني من المبادة تم تخصيصه للعناصر الأساسية لمبادرة الحكم الذاتي

وتتجلى هذه العناصر في اختصاصات جهة الحكم الذاتي للصحراء  ، هيآت الجهة

والجزء الثالث تم تخصيصه لمسار الموافقة على نظام الحكم الذاتي وتفعيله، وأشارت كذلك أن هذه المبادرة تحترم جميع المعايير الدولية للحكم الذاتي ،على الرغم من كون نماذج اللامركزية المقارنة لا تتساوى وليست ومتشابهة ،فالمبادرة تتوفر فيها معايير الحكم الذاتي المعمول بها دوليا ،وأشارت على أن إسبانيا تعمل بالحكم الذاتي فهذا لا يعني أن للجهات سيادة، فالمحكمة الدستورية في إسبانيا ميزت ما بين الحكم الذاتي في إسبانيا وما بين السيادة، وأشارت أن الحقيقة التفاضلية موجودة كذلك في إسبانيا ،وقد ختمت مداخلاتها باستنباط مجموعة من الخلاصات

هناك بعض الأحكام النمطية التي تشوه الحقائق التاريخية والجغرافية

وهناك العديد من الاحكام الجاهزة تصادف تحليلا جادا للمعطيات

وهناك أفكار جاهزة تنتشر وتشيع وتشوه الحقائق  ،حيث هناك جهل بتطور رهن المغرب وتاريخه ،

هذا الجهل وعدم الدراية حينما يتم التعامل مع تاريخ المغرب نجمت عنه الكثير من الأخطاء والهفوات على صعيد المنتظم الدولي

استخدام مقاييس ثقافية واشكال مختلفة على واقع مختلف  ،فالمغرب بلد ذات سيادة يمتد على 12 قرنا في الزمان فرغم الظروف التاريخية والاعتداء الذي تعرض عليه فقد ظل محافظا على وحدته الترابية

أخيرا المغرب بخصوص مبادرته للحكم الذاتي قد يتسم اداؤه بهذه الخصوصية كنماذج الحكم الذاتي ببعض النماذج الأخرى، وسيكون هذا النموذج محصنا بالدستور

الحرص على ان يكون هناك تكامل ما بين الجهات ،والشروع من المرحلة الثالثة من الجهوية المتقدمة

فالمغرب بدل جهدا اقتصاديا هاما في مناطق الصحراء المغربية في الجهات الثلاث وهذه الجهات تشكل البوابة لإفريقيا .

وأكدت باقي المداخلات أن “العلاقات الإسبانية المغربية تهدف بالأساس إلى التعاون الإيجابي بين الشمال والجنوب، وأن استقرار العلاقات بين المغرب وإسبانيا يحقق الكثير من الإيجابيات على شمال وجنوب المتوسط

كما أكدت أن المغرب الحديث قطع أشواطا مهمة في المجال الديموقراطي وتدبير الشأن العام المحلي بشكل خاص، حيث منح للجهات سلطات أوسع مكنت من تحقيق العدالة الترابية والتوازن الاقتصادي المنشود، مضيفا أن المقاربة مكنت الأقاليم الجنوبية، على سبيل المثال، من التوفر على بنيات تدبير مهمة وأسس البناء الاقتصادي والتنموي الذي أصبح نموذجيا، خاصة وأن المغرب يعتبر صلة وصل بين شمال وجنوب الكرة الأرضية. أبرز أن التقدم المحرز في المغرب على أكثر من صعيد يعزى الى الدور الذي تضطلع به الجهات والاستغلال الأمثل للمؤهلات المتوفرة مع الحفاظ على خصوصيات المناطق الحضرية والثقافية والطبيعية، معتبرا أن الملتقى يفيد الجانبين في إغناء التجربة الجهوية، كما يشكل لبنة من لبنات التعاون المغربي الإسباني الأكاديمي والبحثي، بما يكرس التقارب الحاصل على كل المستويات بين مدريد والرباط.

و قد أشار المتدخلون في مشاركتهم أهم المحاور المتعلقة بالتنظيم الترابي و الجهوية في كل من المغرب و اسبانيا و ايطاليا . و هكذا كانت المبادرة المغربية للحكم الذاتي و الجهوية في كل من اسبانيا و ايطاليا هي المبيان الموطد لكل المتدخلين.

و قد بين المتدخلون في عروضهم

-أن الجهوية لم تكن وليدة الصدفة بل جاءت بعد مراحل تاريخية مزجت فيها الإخفاقات بالنجاحات .

فهي نتاج لتنزيل تدريجي عبر التاريخ في كل من اسبانيا و ايطاليا ،امتزجت فيها ثقافة التنوع و الاختلاف اللغوي و الثقافي و الاجتهاد القانوني و الفقهي الذي حاول وضع الأسس القانوني  و المؤسساتية  للجهوية.

و بالرغم مما توصل إليه الجهد القانوني و المؤسساتي فإن اختصاص الجهة يبقى على محك كبير أمام اختصاص الدولة الذي لا يزال حاصرا بقوة في البعد الجهوي. بل هناك إشكال يبقى مطروحا بقوة و هو التوزيع الحقيقي للاختصاص الذي لازال يعتمد في اسبانيا  على التوافق و ليس على أسس قانونية مؤسساتية. كما أن البعد التشاركي يبقى ضعيفا في التجربة الاسبانية و الايطالية .

أما في الشق المتعلق بالحكم الذاتي ،فإنه بالرغم من استقلالية الجهات في وضع أنظمتها ، فإن اختلاف أنظمتها يبقى سياسيا لأنها تحاول إعادة إنتاج النظام المركزي كما أن آليات التعاون بين المركز و الجهات التي تعتمد على ثقافة التنسيق بدلا من آليات  تنسيقية مؤسساتية.

وقد شكل هذا الملتقى فرصة سانحة لتعميق النقاش و تبادل الأراء حول التحديات الراهنة و المستقبلية ، و مدى مساهمة الورش في تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الفكرية ببلادنا.

لقد تناول الباحثون المشاركون في هذا اللقاء كل المبادئ التي وضعتها الجهوية المتقدمة، حيث اعتبروا ذلك خيارا استراتيجيا في ترسيخ الديمقراطية الجهوية و ما حظيت به من أهمية على مر المحطات التاريخية  أسسها و قيمها دستوريا و إداريا .

كما  تطرق الباحثون : إلى الاصلاحات الدستورية التي مكنت من إدخال تغييرات جدرية على المنظومة القانونية المتعلقة بالجهوية المتقدمة ، و التي ساعدت على الترسيخ التدريجي للدور الأساسي للجماعات الترابية في مجال التنمية في مختلف أبعادها السياسية و الاقتصادية .

لقد قطع مسلسل الجهوية المتقدمة أشواطا هامة مند تنصيب للجنة الاستشارية الجهوية المتقدمة ، التي اعتمدت على المساهمة الفعلية للجهات و الجماعات الترابية في خلق التنمية المندمجة على إحساس الديمقراطية و التشاركية.

تم دستور 2011 لتتويج لمسار السياسات الجهوية و الانجازات الاقتصادية و الاجتماعية و الحقوقية التي أسست للمجتمع الديمقراطي الحداثي في إطار دولة الحق و القانون.

وبعد نقاش مستفيض وتفاعل مع مختلف التساؤلات التي تم طرحه خلص الملتقى على ما يلي:

  • هذا الملتقى يسمح بالوقوف على التجارب المقارنة للجهوية في المغرب وإسبانيا وإيطاليا والتعرف على نقاط القوة والضعف في كل من هذه التجارب الثلاث، والاطلاع على مختلف الإصلاحات التي اعتملت في هذه التجارب.
  • مبادرة الحكم الذي للصحراء المغربية مبادة تحترم المعايير الدولية المعمول بها في نماذج الحكم الذاتي
  • ليس هناك تجربة كاملة وبدون تحديات و ثغرات في القانون و الممارسة، فرغم أن التجربتين الاسبانية و الإيطالية قديمتين نسبيا، فإن ذلك لم يمنع من رصد كثير من الخلافات بشأن الاختصاصات و الموارد
  • إن المغرب راكم تجربة لابأس بها في مجال الجهوية لاسيما مع دستور 2011 والقانون التنظيمي 111-14 كما أن مبادرة الحكم الذاتي تشكل مبادرة جادة سياسيا وقانونيا وذات مصداقية و الحل الوحيد لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية

إن التحديات المطروحة في التجارب الثلاث لا يجب أن تثني على الاستمرار في تطوير الجهوية و تقويتها من أجل تحقيق التنمية و التوازن الترابي و العدالة المجالية و مراعاة مصلحة المواطن.